من هو محمد المرجان؟ محمد المرجان هو أستاذ
باحث في علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يعتبر
من الباحثين الذين اهتموا بالدراسات الكولونيالية بالمغرب، وخصوصا الإسبانية منها،
حيث يعد مرجعا مهما في فهم طبيعة هذه الدراسات الكولونيالية الإسبانية بالمغرب إلى
جانب المختار الهراس في الشمال ومحمد دحمان ورحال بوبريك في الجنوب.
التحق
الأستاذ محمد المرجان بشعبة علم الاجتماع قادما من تطوان مسقط رأسه في بداية
السبعينيات من القرن الماضي، وقد حصل على دبلوم الدراسات العليا سنة 1988 في
موضوع: "تطور علاقة تطوان بقبيلة الحوز من 1900 إلى 1956: نحو مقاربة
سوسيولوجية" من جامعة محمد الخامس، كما حصل على دكتوراه الدولة في علم
الاجتماع سنة 2005 من نفس الجامعة في موضوع: "مقاربة سوسيولوجية للمعرفة
الكولونيالية الإسبانية شمال المغرب: 1860 ـ 2002".
إن
اهتمام الأستاذ محمد المرجان بالدراسات الإسبانية لم تمنعه من مساءلة الدراسات
الكولونيالية الفرنسية، فالمقربين منه يدركون أن الأستاذ محمد المرجان من الباحثين
الذين انفتحوا على كل من الدراسات الفرنسية والدراسات الأنجلوسكسونية التي اشتغلت
على المغرب، فهو لم يكتف فقط بالانفتاح عليها وإنما مارس النقد وعمل على تفكيكها
في مجمل دروسه ومحاضراته ومقالاته.
يرى الأستاذ محمد المرجان أنه لفهم التغيرات
الاجتماعية وتعقيدات الواقع التي يشهدها المجتمع المغربي لابد من الانفتاح على
باقي العلوم والعودة إلى التاريخ دائما، فالباحث في علم الاجتماع لا معنى له بدون
معرفة تاريخية للمجتمع المغربي، ويؤكد كذلك على أن السوسيولوجي هو الباحث عن
المعرفة في الضفاف الأخرى حتى وإن كانت تلك المعرفة من الأمم والشعوب المختلفة عنا
في الدين أو في الثقافة بشكل عام، ولهذا تجده من السوسيولوجيين المغاربة الذين لهم
دراية ومعرفة بالسوسيولوجيا الإسرائيلية بعد عبد الكبير الخطيبي، فهو من الباحثين
العاشقين لقراءة الآخر باللغتين الفرنسية والإسبانية، كما أنه يتميز بانفتاحه على تخصصات أخرى كالفلسفة والأدب والأنثروبولوجيا
والتاريخ.
محمد
المرجان هو ذلك الإنسان الذي تجده دائما ما يحوم حوله العديد من الطلبة نظرا لتواضعه
والتزامه المعرفي، فهو دائم الإنصات إلى الطلبة ولا يبخل على طلابه في تقديم
المعرفة السوسيولوجية التي يحتاجونها، فهو بلا شك يعد مكسبا للجامعة المغربية
وجامعة ابن طفيل بالدرجة الأولى. والقريبين منه يدركون أنه من الأساتذة الباحثين
الملتزمين بالدرس السوسيولوجي العميق في قضايا اجتماعية معاصرة، فمنذ أن وضع قدمه
بالجامعة وهو يستحضر في درسه السوسيولوجي علماء اجتماع مغاربة قصد التعريف
بمنجزاتهم وأعمالهم كبول باسكون، عبد الجليل حليم، عبد الكبير الخطيبي، محمد جسوس،
المختار الهراس، ادريس بنسعيد، فاطمة المرنيسي وغيرهم.
والمتتبع
لمسار الدرس السوسيولوجي للأستاذ محمد المرجان بجامعة ابن طفيل يعلم أنه من أوائل
الأساتذة الباحثين الذين عملوا على تدريس طلبة السوسيولوجيا بجامعة ابن طفيل عدة
تخصصات مثل: سوسيولوجيا المدينة وسوسيولوجيا التحولات الاجتماعية ونصوص محمد جسوس
وسوسيولوجيا برنار لايير وسوسيولوجيا المجال، إضافة إلى سوسيولوجيا الخبرة، والتي
أولى لها أهمية كبير في السنوات الأخيرة، إذ يميز بين نوعين من الخبراء في
السوسيولوجيا: النوع الأول هو الخبير اللامسؤول الذي يقدم المعرفة لمن يدفع أكثر ولا
يستحضر الرؤية السياسية ولا يتفاعل مع الإشكالات المطروحة في المجتمع، والنوع
الثاني هو الخبير المسؤول أو بتعبير المرحوم محمد جسوس "السوسيولوجي
المناضل" الذي يحترم مبادئ الديمقراطية ويؤمن خلال ممارسته العلمية بجدلية
العالم والسياسي ويحاول أن يقترب من الموضوعية من خلال تعبيره عن هموم المجتمع
تعبيرا صادقا...إلخ.
إن محمد
المرجان هو ذلك الإنسان العالم والمربي عند طلابه، إنه دائما ما يقدم إلى طلابه في
محاضراته نماذج في ممارسة علم الاجتماع أمثال: "روجي باستيد، مانويل كاستلز،
آلان تورين، بيير بورديو، برنار لايير ولوك بولتنسكي"، وهو الغيور على مهنة
عالم الاجتماع عند زملائه وأصدقائه، فشرعية السوسيولوجيا بالنسبة إليه لا تأتي إلا
من خلال السوسيولوجيين أنفسهم. فقد عمل الأستاذ محمد المرجان بتفان على أساس النظر
إلى أن رسالة السوسيولوجيا هي خدمة المجتمع وذلك بالتدخل فيه، من حيث مساعدة
المجتمع على الارتقاء وإنتاج نفسه ومواجهة تحديات السوق وضغط الدولة، فمساهمات
الأستاذ عبر مساره العلمي واضحة التأثير بأعمال بيير بورديو وآلان تورين ومانويل
كاستلز وهنري لوفيبر وروجي باستيد.
ويمكن
القول، إن مغامرة الأستاذ محمد المرجان في الحقل العمومي تجسدت من خلال المجتمع
المدني والوسائط الإعلامية والإلكترونية، وصنع السياسات العمومية، الشيء الذي يدل
على روح السوسيولوجيا العمومية لديه. فهو إلى جانب زملائه وأصدقائه أمثال عمر
بنعياش وعبد الله محسن ومحمد الشهب وعمار حمداش وغيرهم علماء اجتماع عموميين، فقد
منحت نظرية هابرماس حول المجال العام عند الأستاذ محمد المرجان هوية جديدة تسمي
وجوده السوسيولوجي تحديدا، ما انعكس ذلك على حياته الفكرية والاجتماعية وتحوله إلى
عالم اجتماع عمومي بامتياز، ولا شك أن ترأسه للجمعية المغربية لعلم الاجتماع خلفا
للمرحوم محمد جسوس إنما هو دليل على روح العمومية لديه، نظرا لوعيه بأهمية وصعوبة
الممارسة السوسيولوجية بالمغرب، والتي تحتاج بطبيعة الحال إلى تعاون كل من يحمل هموم
هذا الحقل المعرفي قصد تبادل التجارب والخبرات بهدف تطوير الممارسة السوسيولوجية
بالمغرب، وذلك بعيدا عن كل الرهانات أو الحسابات التي من شأنها أن تعيق تطور حرفة
عالم الاجتماع بالمغرب، وهو ما يجعله دائما ما ينتصر للعمل الجماعي على حساب العمل
الفردي، باعتبار أن العمل الجماعي هو جوهر الاشتغال السوسيولوجي في عالمنا
المعاصر.
هذا ويؤكد
الأستاذ محمد المرجان في أكثر من مناسبة أنه يجب على الدولة أن تنفتح أكثر على
السوسيولوجيا كونها تمثل أحد أهم التخصصات العلمية الممكن توظيفها في مجال التنمية
للمجتمع المغربي والارتقاء به نحو مصاف المجتمعات المتقدمة، لأن المقاربة
السوسيولوجيا عند الأستاذ محمد المرجان هي محاولة للتدخل، تستهدف البحث عن
القوانين الناظمة للظاهرة وكذا آليات اشتغالها وأشكال تطورها حريصة في كل ذلك على
تحقيق العناصر التالية: التشخيص ـ النقد ـ المعالجة ـ التوجيه. كما يؤكد أن السوسيولوجيا
بالمغرب لا يفترض فيها أن تكون منغلقة على ذاتها وحكرا فقط على الجامعات والمعاهد
ومراكز البحث العلمي، وإنما يجب أن تجد لها مكانا بين المجتمع لكي تلامس الواقع
الاجتماعي في الحياة اليومية عند الأفراد. فالسوسيولوجيا بالنسبة إلى الأستاذ محمد
المرجان هي النظر في المجال العمومي بهذا المعنى.
ويتمثل
دور السوسيولوجي عند الأستاذ محمد المرجان في ممارسة حرفة القلم والورق، فعن طريق
الكتابة، فإن السوسيولوجي يعبر بذلك عن وجوده حتى وإن تم رفضه من طرف السياسي.
وفي
هذا السياق، فإن الأستاذ محمد المرجان له حوارات ومقالات عديدة نشرت في صحف وطنية
كما له مقالات محكمة منشورة في المجلات الوطنية والعربية كمجلة سياسات الهجرة ومجلة
إضافات ومجلة المستقبل العربي، ومن أشهر مقالاته نجد: "المدلول الاجتماعي
للمقاومة وجيش التحرير بالمغرب"، "علاقة الهوية بالدين الشعبي"،
"مفهوم الديموقراطية في وعي التلاميذ"، "الجامعة المغربية مشروع
وطني غير مكتمل". إضافة إلى ذلك، له مساهمات في كتب جماعية ومحاضرات علمية
على المستوى المحلي والوطني. ومن أهم مؤلفاته نجد: "مقاربة سوسيولوجية لآليات
التغيير الاجتماعي بشمال المغرب" وهو مؤلف صدر عن منشورات جمعية تطوان أسمير
في سنة 2004، ثم "الرحلة والمعرفة الكولونيالية: المغرب بعيون الرحالة
الإسبان خلال القرن التاسع عشر الميلادي" والذي صدر عن دار أبي رقراق في
أواخر سنة 2016.
وفي ختام
القول، فإن محمد المرجان هو ذلك الإنسان المتواضع والخجول والمحب لكل من أساتذته
وزملائه وأصدقائه وطلبته، والملتزم بحرفة عالم الاجتماع، فهو دائم السؤال والتفكير
والتحليل والنقد، إنه ذلك الباحث الذي يبحث عن المعنى والعالم الذي يعيش من أجل
سوسيولوجيا عمومية وطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق